الأربعاء، 27 مارس 2019

التصوف ليس دين او مذهب وإنما منهج :

الصوفية أو التصوف هو منهج إسلامي ، لكن وفق الرؤية الإسلامية ليست مذهبًا ، وإنما هو أحد أركان الدين الثلاثة ( الإسلام ، الإيمان ، الإحسان ) ، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام ، وعلم العقيدة بالإيمان ، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الاحسان ( وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله ، أي الوصول إلى معرفته والعلم به ، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة ، وتحليته بالأخلاق الحسنة  . وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص ، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده - كغيره من العلوم - جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه علم التصوف ، وعلم التزكية ، وعلم الأخلاق ، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده ، ومن أشهر هذه الكتب : الحِكَم العطائية لابن عطاء الله السكندري قواعد التصوف ، للشيخ أحمد زروق ، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي ، والرسالة القشيرية للإمام القشيري ومن جوامع الكلم لمحمد ماضي أبو العزائم وغيرها .
انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة ، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية . والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل محي الدين بن عربي وشمس التبريزي وجلال الدين الرومي والنووي والغزالي والعز بن عبد السلام كما القادة مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير عبد القادر وعمر المختار وعز الدين القسام .

اتباعهم للقرآن والسنة :
يرى أئمة التصوف أنهم متبعين للكتاب والسنة ، وأن علمهم هذا كباقي العلوم الإسلامية من الفقه والعقيدة مستمد من الكتاب والسنة، دل على اعتقادهم بذلك أقوالهم ، والتي منها :
قول الجنيد : « الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام » . وقال أيضا : « من لم يحفظ القرآن ، ولم يكتب الحديث ، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ».
قول سهل التستري :  (أصولنا سبعة أشياء : التمسك بكتاب الله ، والاقتداء بسنة رسوله ، وأكل الحلال ، وكفِ الأذى ، واجتناب الآثام ، والتوبة ، وأداء الحقوق ).
قول أبو الحسن الشاذلي : « إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف ، وقل لنفسك : إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة ، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام».
قول أبو الحسين الوراق : « لا يصل العبد إِلى الله إِلا بالله ، وبموافقة حبيبه في شرائعه ، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد».
قول عبد الوهاب الشعراني : «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون».
قول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فقال : «هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله ، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة ، وبالأخرى إِلى النار ، ويأتزر بالدنيا ، ويرتدي بالآخرة ، ويلبي من بينهما للمولى : لبيك اللهم لبيك.
ويستدلون أيضا على صحة توجههم بمواقف أئمة المذاهب السنية الأربعة الداعية إلى التصوف بمعناه الصحيح . أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الإسلام محمد .

العقيدة التي يتبنّاها الصوفية :
يعلن المتصوفة حاليا بمعظمهم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة أهل السنة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كمذهب عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة ، بل وتبناها جمهور علماء أهل السنة والجماعة من الإمام النووي ، والإمام ابن حجر العسقلاني ، والإمام السيوطي ، وغيرهم الكثير . فبالتالي فإن كتب المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواء كانت أشعرية أوماتريدية . وذلك بالرغم أنهم يتبنون كتب ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود ، لكن المتصوفة يقولون أن هذه الكتب ليست في متناول العوام ( والعوام في نظر المتصوفة هو كل من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها ) ، وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام ، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي ، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الكتب والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي . ويرى الشيخ المسافر أن ابن عربي والسهروردي وابن سبعين ، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف ، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية ، وان كثيرا من كتبهم فلسفية بامتياز ، وإن لم تسم بذلك . ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين اسسوا اطروحاتهم الفلسفية أو ضمنوها أجزاء من إنتاج المشايخ الأولياء الثلاثة ، أو كما يطلق عليهم البعض " الفلاسفة العظام الثلاثة ".
قال أبو القاسم القشيري في رسالته المشهورة بالرسالة القشيرية عند ذكر عقيدة الصوفية ما نصه : « وهذه فصول تشتمل على بيان عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها على وجه الترتيب . قال شيوخ هذه الطريقة على ما يدل عليه متفرقات كلامهم ومجموعاتها ومصنفاتهم في التوحيد : إن الحق سبحانه وتعالى موجود قديم لا يشبهه شيء من المخلوقات ، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، ولا صفاته أعراض ، ولا يتصور في الأوهام ، ولا يتقدر في العقول ، ولا له جهة ولا مكان ، ولا يجري عليه وقت وزمان »
وقال الشيخ أبو بكر الكلاباذي الحنفي في كتابه التعرف لمذهب أهل التصوف : « اجتمعت الصوفية على أن الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان »

عقيدة الصوفية في الأولياء  :
الولي عندهم هو : عبد لله ، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده ، وهو عبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر ، هو دون الأنبياء في المرتبة والمنزلة ، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية ، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ ، إلا من عصمه الله . ويستشهدون بالآية القرآنية : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين ءامنوا وكانوا يتقون ) فالمتقون هم أولياء الله . وقد ورد تحذير في أحاديث النبي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ، وذلك كما في الحديث القدسي : من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب .

كرامات الأولياء  :
الكرامة هي أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة ، يظهرها الله على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم . وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء ،وكلام البهائم ، وطي الأرض ، وظهور الشيء في غير موضعه ووقته .
ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن ، منها :
قصة الذي عنده علم من الكتاب في الآية القرآنية : ( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ).
قصة مريم بنت عمران حين قال لها النبي زكريا : ( أنى لك هذا ؟ قالت : هو من عند الله ).
ومن أحاديث النبي محمد : " أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة ، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما ".
ومن قصص وقعت للصحابة : قصة الصحابي عمر بن الخطاب : عن ابن عمر قال : وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية ، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي : يا سارية الجبل !! ثلاثا . ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا ، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله . قال : فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا وهكذا .
الصوفية يعتبرون أن أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. قال أبو القاسم القشيري : واعلم أن من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات ، والحفظ من المعاصي والمخالفات .
والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض صحيح ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين ، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهو مذموم ، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب . قال الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى أن الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس ، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أو جلب مصلحة ، لأن الله هو الفاعل عندهم ، لا هُم ْ، هذا مشهدهم ، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك الفعل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أو دجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم ، وإِذا رجع الأمر إِلى القدرة فلا تعجب .
كما أن الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره . قال الإِمام اليافعي : لا يلزم أن يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من كل من ليس له كرامة منهم ، بل قد يكون بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة ، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها ، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته ، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين ، وكمال المعرفة بالله .
ويعتبر الصوفية أن عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته . قال الإِمام القشيري : لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا ، لم يقدح عدمها في كونه ولياً .؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛،،،،،،،،،،،،...........:::""''؛؛"؛؛؛؛""

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Go and watch American accent in professional way

Hello dear members , I'd like to share my experience with you , I have searched for years to be just like an English native speaker an...