السبت، 30 مارس 2019

@@ عن محبة الله عز وجل @@
يقول " عبد الرحمن بن المهلب " خرجت إلى سوق العبيد لأشترى لنفسى عبدا يخدمنى ، فوجدت سيدا يبيع عبدا و ينادى عليه قائلا : من يشترى هذا العبد على عيبه ؟ فقلت له : يا سيدى و ما العيب الذى فى هذا العبد ؟ فقال : سل العبد يخبرك فسألته فقال : عيوبى كثيرة و لا أدرى بأيها شهرونى .
فرجعت إلى صاحبه وقلت : يرحمك الله ألا تخبرنى عن عيب ذلك الغلام ؟ قال : إنه معتوه العقل ينتابه الصرع من حين إلى حين . فقلت للعبد : أيأتيك هذا كل يوم أم يأتيك كل أسبوع ؟ فاسترجع و بكى و قال : يا سيدى إذا استولى داء المحبة على القلب سرى فى الأعضاء ، و إذا استولى على الجوارح نشر خمار المحبة على سائر البدن فيطيش العقل بذكر الحبيب ، فيحدث فى القلب استغراق و على البدن سكون فيراه الجاهل فيظنه عتها و جنونا .
قال عبد الرحمن : فعلمت أن الغلام من أولياء الله الصالحين . فقلت لسيده : كم ثمن هذا الغلام ؟ فقال : ثمنه مائة درهم ، فقلت له : ولك منى عشرون فوق المائة ، ثم جئت به إلى منزلى ، فكان يصوم النهار و يقوم الليل ، و لا ينقطع لحظة واحدة عن عبادة الله و تلاوة كتاب الله .
و ذات ليلة دخلت مخدعه فوجدته يصلى و يبكى حتى سجد فكان يناجى ربه فحفظت من مناجاته هذه الكلمات : " إلهى أغلقت الملوك أبوابها ، و بابك مفتوح للسائلين . إلهى غارت النجوم ، و نامت العيون ، و أنت الحى القيوم الذى لا تأخذه سنة و لا نوم ، إلهى فرشت الفرش و خلا كل حبيب بحبيبه ، و أنت حبيب المجتهدين ، و أنيس المستوحشين ، إلهى إن طردتنى عن بابك فإلى باب من ألتجئ ، و إن قطعتنى عن جنابك فبجناب من أحتمى ، إلهى إن عذبتنى فإنى مستحق للعذاب و النقم ، و إن عفوت عنى فأنت أهل الجود و الكرم ، يا سيدى لك أخلص العارفون ، و بفضلك نجا الصالحون ، و برحمتك أناب المقصرون ، يا جميل العفو أذقنى برد عفوك ، و حلاوة مغفرتك ، إن لم أكن أهل لذلك فأنت أهل لذلك ، و أنت أهل التقوى و أهل المغفرة " .
فلما أصبحت قلت له : يا أخى كيف كان نومك الليلة ؟ فقال : كيف ينام من يخاف النار و العرض على الواحد القهار . ثم بكى ، فقلت له : اذهب فأنت حر لوجه الله . فلم يفرح بذلك . و قال : يا سيدى كان لى أجران : أجر العبودية و أجر الخدمة ، فحرمتنى من أحدهما أعتق الله و جهك من حر جهنم . فدفعت إليه نفقة فأبى أن يأخذ منها شيئا ، و قال : إن من تكفل برزقى حى لا يموت ، ثم غاب عنى .
فكنت كلما ذكرت كلامه أخذنى البكاء ، فسألت الله أن يحشرنى فى زمرة عباده الصالحين المحبين لقربه ، و الساعين ليلهم و نهارهم إلى طلب فضله و رضاه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Go and watch American accent in professional way

Hello dear members , I'd like to share my experience with you , I have searched for years to be just like an English native speaker an...